البيت المشبوه
لم يخطر ببالي في يوم من الأيام, وأنا اليوم أبلغ من العمر31 عاما أن أراسل بريد الجمعة لأروي قصتي, ولكن القصة التي نشرت بعنوان ستر الله ذكرتني بنفسي وأثارت بداخلي رغبة قوية في الكتابة!!!. وها هي قصتي والتي أمثل فيها اليوم دور الطرف الآخر للقصة التي نشرت سابقا, فأنا في هذه القصة ومع بعض الاختلافات أمثل دور الزوجة المغفلة, نعم أنا هي.. فمنذ نحو6 سنوات تزوجت من شاب يكبرني بثلاثة أعوام وهو أخو واحدة كانت تعد من أعز صديقاتي, ومع الأسف لم تعد بعد الآن. تزوجت هذا الشاب ولم أكن أعرفه من قبل ولكن عندما تقدم لخطبتي وافقت عليه, ووافق أهلي عليه حيث إننا كعائلتين كنا نعد متكافئين اقتصاديا واجتماعيا, ولم نسأل عنهم جيرانهم أو عن زوجي في محل عمله, وكيف نسأل وأخته صديقة عمري, فهم عائلة محترمة أب وأم وابن وابنة, هكذا بدت الأمور تسير علي ما يرام, وكما رأيت الكثير من شباب هذه الأيام فهم لا يتكبدون أي مشقة في الزواج, فالأب يحضر لابنه الشقة والمهر.. ثم يتزوج الشاب فتقوم الزوجة المسكينة بلعب نفس الدور الذي كان يلعبه أبو زوجها, فتنفق علي بيت الزوجية وتتحمل المسئولية كاملة ولا يكون هناك زوج يتحمل أعباء المعاناة للسعي وراء الرزق, فقط شبح زوج ربما يكون موجودا أو غير ذلك. وهكذا أصبحت أنا أمثل هذا الدور السخيف, دور أبوزوجي, لأنفق علي بيت الزوجية وأتحمل جميع مصاريف الحمل والولادة, بعد أن رزقني الله سبحانه وتعالي بطفلة ملأت علي حياتي وهي تبلغ من العمر اليوم نحو5 سنوات, أيضا تكفلت بمصاريفها كاملة من الألف إلي الياء حتي مصاريف المدرسة والأطباء والعلاج ان وجد وذلك بدعوي أن زوجي موظف وراتبه لا يكفي كل هذه المصروفات, فلماذا تزوج إذن لا أحد يستطيع أن يجيب. وبدأت مشاكل تدخل والد زوجي في أدق تفاصيل حياتنا منذ اليوم الأول, وطبعا بمساعدة زوجي حيث إنه كان يروي لأبيه جميع تفاصيل حياتنا اليومية, وعشت أنا علي هذه الحالة طيلة4 سنوات إلي أن بدأت أشعر بأن زوجي يخونني, وعندما واجهته اتهمني بالحماقة, بدعوي أنه يحبني بجنون ولا يستطيع أبدا أن يخونني وأنني لن أشعر بهذا الحب إلا عندما يموت! ويتحول الحديث آن ذاك ضدي وأصبح أنا الظالمة وهو البريء إلي أن ظهر الحق, ففي يوم تشاجرنا وأطلق علي يمين الطلاق وفي نفس اليوم عاد وقد أحضر أبي ليعتذر لي ويسترضيني حتي أوافق علي أن يردني وأبيت لأنني كنت مجروحة للغاية ومصدومة من روع المفاجأة, فكلمة أنت طالق هزتني من داخلي, ولما وجدني مصرة أخرج الطبنجة الخاصة به وهددني بأنه سيقتل نفسه إن لم أوافق علي العودة له, فوافقت وردني في نفس اليوم, ولكن كان هناك شيء ما قد كسر بداخلي ولم استطع حتي أن أنظر إليه, فطلبت منه أن أسافر إلي القاهرة لأمضي يومين عند أختي, حيث إنها متزوجة ومقيمة هناك حتي أنسي ما حدث ووافق, وكي لا أطيل عليك سيدي قام زوجي بتوصيلي هذا اليوم الذي لن أنسي تاريخه ـ الثامن عشر من مايو ـ ما حييت إلي محطة القطار وودعني أنا وطفلتنا وعاد للمنزل منزل الزوجية ومعه فتاة ليل! نعم, ولك الحق أن تسألني وكيف عرفت؟ أبي وأمي يسكنان في عقار مجاور لي, وبالمصادفة الغريبة عرفا أنه داخل منزل الزوجية ومعه فتاة ليل, وطبعا لا أخفيك سرا تشاجرا معه واستمع الجيران إلي أصوات الشجار وسمعوا الفضيحة الكبري, زوج ابنتهما يخونها في بيت الزوجية!. وعدت من القاهرة وقد أخذت قرارا بالانفصال وأخذت ملابسي وملابس ابنتي من هذا البيت المشبوه وهذا أقل ما يقال عنه, وتركت منزل الزوجية إلي منزل أبي عافاه الله وأطال عمره. ولكن لم تنته القصة فطيلة السنتين السابقتين كان يداوم علي ارسال الوسطاء للإصلاح وأنا مصرة علي موقفي, وطلقني بعد مرور سنة تقريبا من الفضيحة, ولكنه لم ييأس وبعد سنة أخري من الالحاح المتواصل لنت وبدأت أفكر بالعودة له خاصة أنه لم يتوقف عن مطاردتي والإلحاح علي بالعودة, فوافقت وأخذت في اعتباري ابنتي ولا أخفيك قولا فإني مازلت أحبه لم استطع كرهه حتي الآن, فأقنعت نفسي أنه ما دام مصرا علي العودة إلي فمن المؤكد أنه فعلا يحبني. وكانت الطامة الكبري عندما اتصل بي يوما من هاتفه الخلوي ورددت عليه فوجدته لا يتحدث لي وإنما يتحدث مع فتاة ليل!! نعم مرة أخري فقد ضغط علي زر الاتصال بالهاتف دون أن يشعر, وكنت أنا آخر رقم اتصل به, سبحان الله, اتصل بي هاتفه وهو لا يشعر, واستمعت إلي حديثه مع فتاة الليل هذه لمدة20 دقيقة كاملة وهو يتفق معها علي تفاصيل المقابلة القادمة ويتبادلان أرقام الهواتف, وواجهته بعدها بثوان وانهار وظل يطاردني أمام عملي وتليفونيا وادعي أنه مريض ولا يدري لماذا يفعل ذلك وأشياء لم أفهمها ولن أفهمها فكلها أعذار لا استطيع تقبلها دينيا وأخلاقيا أو حتي عاداتنا وتقاليدنا. أبصرني الله علي حقيقته بما لا يوجد به ذرة شك, مرة في بيت الزوجية ومرة أسمعه بنفسي, والحمد لله أنه لم يبصرني أكثر من ذلك خاصة وأني قد علمت من بعض المحيطين بي أنهم رأوه قبل ذلك وهو مصطحب فتاة ليل إلي منزل الزوجية, ومرات عديدة رأوه بصحبة فتيات آخريات داخل سيارته, فمن الواضح أنه خانني كثيرا, نعم فلو كانت المرة الأولي لسترها الله عليه. والحمد لله أنا راضية بقضاء الله وقدره وأشعر بنعمة وجود ابنتي في حياتي واستمتع معها بكل لحظة وهي تكبر أمام عيني, واستمتع حتي بالانفاق عليها مع أنني في بعض الأوقات أمر بضائقات مالية ولكني والحمد لله فأنا دائما عندي يقين بأن الله سبحانه وتعالي لن يضيعنا أنا وابنتي وأنه دائما مع المظلومين... هل تصدق سيدي فأنا أرثي لحال طليقي هذا فقد حرم نفسه من متعة اسعاد ابنته وتمثيل دور مهم في حياتها, وحتي إن تزوج ورزق بغيرها فلا أتوقع أن يشعر بمثل هذا الاحساس, فمع الأسف حرم نفسه بيده من احساس الأبوة وحرم طفلتي الحبيبة الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة من إحساسها بوالدها إلي جانبها في فرحها وحزنها, وليس هذا فقط فقد يؤدي سلوكه هذا في المستقبل إلي أذيتها إن تقدم شاب لخطبتها وسأل عن أبيها ووجده علي مثل هذه الأخلاق فمن المتوقع أن يتنحي عن هذه الخطبة. لدي بعض التساؤلات لا استطيع أن أجد لها إجابات, فكيف يستطيع مع كل هذا الحب الذي ادعاه أن يخونني مرات ومرات كما اعترف لي؟ وكيف لي أن استمر في حبه حتي الآن؟ فمن الواضح أنه ليس هو المريض بل أنا, وكيف لي أن أخدع طيلة هذه السنوات ولا أشعر بهذا الكم من الخيانة؟ مع العلم انني دائما متيقظة وألاحظ أي تغير يطرأ عليه, وكيف تكون الخيانة هي الشيء الطبيعي الذي يلجأ إليه أي رجل إذا ما أهملته زوجته كما ادعي أهل طليقي؟ فما من وسائل شرعية يستطيع أن يحيا بها مثل هذا المسكين حياة سوية مستقيمة؟ فأين القوامة إذن؟ قوامة الزوج علي زوجته حتي يصلح لها خطأها, وأين الزواج للمرة الثانية؟ وأين الطلاق؟ أين الدين؟. وفي النهاية سيدي أتمني من الله أن يهدي طليقي كما هدي الأخ العزيز صاحب قصة ستر الله ولكم تمنيت أن يكون قد قرأ هذه القصة لعله يتعظ ويفيق من غفلته فالعمر مهما طال قصير, وأدعو الله من كل قلبي أن ينجيه من كل سوء. ............................................ * سيدتي.. أسئلتك كلها مشروعة, واجاباتها معروفة, ولكن الخائن عادة, لا يفعل ذلك بحثا عن بديل لزوجته, وإلا كان قد ذهب إلي الحلال بالزواج بأخري, أو حتي قرر الانفصال عن زوجته الأولي.. وعلي الرغم من عدم وجود أي مبررات مقبولة للخيانة من الطرفين, شرعا أو أخلاقا, إلا أنها قد تحدث مرة نتيجة ضعف إنساني بوسوسة الشيطان, ووقتها قد يندم الإنسان طويلا ويعيش حياته طالبا التوبة من العلي القدير, الغفور الرحيم, وقد تسامح الزوجة ـ مثلك ـ رغبة في عدم الطلاق وحرصا علي استقرار الأسرة ومحبة لشريك الحياة. ولكن عندما تصبح الخيانة هي القاعدة, تصبح حالة مرضية, خاصة إذا كانت مع فتيات ليل, وفي فراش الزوجية.. فهذا النوع يعكس اضطرابا نفسيا, واحساسا بعدم الإشباع إلا في مثل هذا النوع من العلاقات المحفوفة بالمخاطر. الخائن يبحث ـ عادة ـ عن مغامرة يشعر بذاته عندما يبذل جهدا في اصطياد فريسته, وربما يعاني من برود في علاقته مع زوجته, فيخشاها إن تزوج, فلا يخشي خالق البشر أجمعين, فيلجأ إلي امرأة أخري ترمم نفسه وتعيد إليه إحساسه الهارب بذاته.. ولكن أن يكون هذا الإشباع مع فتيات الليل, فهذا يعني بكل بساطة أنه في حاجة إلي طبيب نفسي, فهو حالة مرضية ـ كما قال زوجك عن نفسه ـ تحتاج إلي طبيب, كما تحتاج إلي فقيه ديني يعلمه أمور دينه من جديد, ليعود إلي فطرته التي ترفض مثل هذا النوع من المعاصي. سيدتي.. دعيني استغل سطور رسالتك للتأكيد مرة أخري علي أهمية السؤال عن أخلاقيات شركاء الحياة قبل الارتباط, فلا تكفي الجيرة أو الزمالة أو الخوف من تأخر سن الزواج لقبول زوج دون التأكد من دينه وأمانته وحسن خلقه, فالتكافؤ الاقتصادي والاجتماعي لا يكفيان لنجاح علاقة زوجية, أما عن دورك, فقد فعلت ما يمكنك القيام به, وليس أمامك الآن, إلا مداواة جراحك وتربية ابنتك, ودعاؤك لأبيها لعل الله يهديه ويتوب عليه فيغفر له ويعيده إلي رشده وإلي دينه قبل أن يعيده إلي أسرته, لأنه لن يجد السعادة أبدا بعيدا عنها. وإلي لقاء بإذن الله. |