بـريــد الأهــرام
44609 السنة 133-العدد 2009 يناير 24 27 من محرم 1430 هـ السبت
كيف تتحقق الرؤية بالمشاركة للأبناء بعد انفصال الأبوين؟
منذ أن أثرت قضية رؤية الأبناء بعد انفصال الأبوين, وسيل الرسائل لا ينقطع, الكل يبحث عن حل, ويطرح أفكارا للمناقشة, وإيمانا مني بأهمية أن ينشأ الأبناء في رعاية الأبوين معا, فإنني أواصل عرض القضية.. وإليكم التعليقان التاليان:
* محمد عمارة رئيس جمعية تحت التأسيس باسم رعاية أطفال الطلاق: هناك7 ملايين طفل يطبق عليهم قانون الرؤية الحالي. أي نحو10% من تعداد سكان مصر, وهم نتاج مليوني حالة طلاق تقريبا, ولا يعني ذلك أن المليون مطلق سوف يتزوجون جميعا من أخريات.. كما أنه يكون لديهم غالبا أولاد في سن المراهقة, ويخشي علي البنات الصغيرات لدي الطرف الآخر منهم.
وهؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية, وإن لم تظهر عليهم الآن فسوف تكون واضحة في سن المراهقة فيما بعد.. وبالتالي سنجد أنفسنا أمام جيل يعاني أمراضا نفسية, وفقا لما يراه خبراء الاجتماع والتربية والطب النفسي.
ونلاحظ أن قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية متخذة من الشريعة الإسلامية, وليس القانون المصري وحده.. وهذه القوانين تطبق نظام الرعاية المشتركة, وتنادي بصلة الرحم.. ويقول الحق تبارك وتعالي في كتابه الكريم:وإذا تنازعتم في شيء فردوه إلي الله ورسوله النساء59, وذكر في القرآن, وبالوالدين إحسانا في أربعة مواضع, وتفسيرها واضح إذ لم يميز طرفا علي آخر, وحتي في الحديث النبوي المعروف من أحق الناس بحسن صحابتي فقد ذكر الأب بعد الأم, ولم يهمله ويحول العلاقة بين الأب والابن إلي مجرد90 يوما في15 سنة, فالأب له ربع الأم علي الأقل في الرعاية..
أما بشأن الحضانة فالطفل حتي سن7 سنوات يكون في حضانة أمه, وذهب الحنفية إلي أن حضانة النساء للذكر تظل قائمة حتي يستغني عن رعايتهن له, فيأكل ويشرب ويلبس وحده, وقدر ذلك بـ7 سنوات وتظل حضانة الاثني قائمة حتي تبلغ الحيض أو الاحتلام.
وعند الشافعية تستمر الحضانة علي المحضون حتي التمييز ذكرا كان أو أنثي فإذا بلغ حد التمييز ـ7 أو8 سنوات ـ فإنه يخير بين أبيه وأمه, فإن اختار أحدهما دفع إليه, وعاد واختار الثاني نقل إليه.. وهكذا كلما تغير اختياره, إذ قد يتغير حال الحاضن أو يتغير رأي المحضون فيه بعد الاختيار.
والحكم عند الحنابلة في الغلام أنه يكون عند حاضنته حتي يبلغ السابعة, فإن اتفق أبواه بعد ذلك علي أن يكون عند أحدهما جاز لأن الحق في حضانته يرجع إليهما.. وذهب المالكية إلي أن حضانة النساء علي الذكر تستمر حتي بلوغه, وتنقطع بالبلوغ.. أما الحضانة للأنثي فتستمر إلي زواجها ودخول الزوج بها, وكان الزواج يتم عند بلوغ الأنثي.
ومن هذا المنطلق فإن الحضانة تنتهي بين7 و9 سنوات تقريبا.. ويجب أن يؤخذ في الاعتبار دور الطرفين في التربية والتعليم والتوجيه وصلة الرحم, ولا أدري لماذا نعتبر الطلاق إعلان حرب تستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة, ولماذا لا نعتبره حلا أقره الله حتي يعالج وضعا مرضيا ليس له علاج إلا الإنهاء, فيكون بداية لمرحلة جديدة في العلاقة بين طرفين عاشا ذات يوم تحت سقف واحد, وأفضي بعضهم إلي بعض.. وإذا فشلا في أن يتفاهما كزوجين, فما المانع أن يكونا صديقين بعد الطلاق خاصة إذا كان زواجهما قد أثمر ثمرة مشتركة لايمكن التنصل منها أو الغاؤها وهي عبارة عن طفل بريء لا علاقة له بما حدث بينهما؟
إن اختزال العلاقة الأبوية في ركن التمويل المادي النفقات عن بعد دون إتاحة أي فرصة للمشاركة بالرعاية الوجدانية والتربوية ليس هو الحل, فلو أن هؤلاء الآباء قد اختاروا كفالة ورعاية أحد الأيتام لكان لهم الحق كاملا في التواصل معه.
* مجموعة من الآباء والأمهات غير الحاضنين: هناك قصور واضح في المادة العشرين المنظمة لحق الحضانة والرؤية بقانون الأحوال الشخصية, إذ لا يسمح هذا القانون لأسرة الطرف غير الحاضن من أجداد وأعمام وعمات وأخوال.. إلخ, برؤية الصغير, وتقتصر الرؤية فقط علي الأم أو الأب غير الحاضن, ولا يشتمل القانون علي عقوبة ملموسة للحاضنة التي بيدها الصغير في حالة تعسفها بالامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية كليا أو جزئيا, حيث إن العقوبة المعمول بها حاليا, هي الحكم بنقل الحضانة إلي الجدة للأم, وهو انتقال صوري, لذا فهي لا تمثل عقوبة ملموسة تغل يد الحاضنة عن ذات الممارسات التعسفية, وذلك لأن المحضون يقيم في محل إقامة الحاضنة فعليا.
** وبعد.. فمازالت هذه القضية تشغل اهتمام الملايين الذين ينادون بحل عادل يكفل لطرفي النزاع علي حضانة الأطفال رؤية أبنائهم ومعايشتهم والاقتراب منهم.. والسؤال متي يتحقق هذا الحل العادل؟
44609 السنة 133-العدد 2009 يناير 24 27 من محرم 1430 هـ السبت
كيف تتحقق الرؤية بالمشاركة للأبناء بعد انفصال الأبوين؟
منذ أن أثرت قضية رؤية الأبناء بعد انفصال الأبوين, وسيل الرسائل لا ينقطع, الكل يبحث عن حل, ويطرح أفكارا للمناقشة, وإيمانا مني بأهمية أن ينشأ الأبناء في رعاية الأبوين معا, فإنني أواصل عرض القضية.. وإليكم التعليقان التاليان:
* محمد عمارة رئيس جمعية تحت التأسيس باسم رعاية أطفال الطلاق: هناك7 ملايين طفل يطبق عليهم قانون الرؤية الحالي. أي نحو10% من تعداد سكان مصر, وهم نتاج مليوني حالة طلاق تقريبا, ولا يعني ذلك أن المليون مطلق سوف يتزوجون جميعا من أخريات.. كما أنه يكون لديهم غالبا أولاد في سن المراهقة, ويخشي علي البنات الصغيرات لدي الطرف الآخر منهم.
وهؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية, وإن لم تظهر عليهم الآن فسوف تكون واضحة في سن المراهقة فيما بعد.. وبالتالي سنجد أنفسنا أمام جيل يعاني أمراضا نفسية, وفقا لما يراه خبراء الاجتماع والتربية والطب النفسي.
ونلاحظ أن قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية متخذة من الشريعة الإسلامية, وليس القانون المصري وحده.. وهذه القوانين تطبق نظام الرعاية المشتركة, وتنادي بصلة الرحم.. ويقول الحق تبارك وتعالي في كتابه الكريم:وإذا تنازعتم في شيء فردوه إلي الله ورسوله النساء59, وذكر في القرآن, وبالوالدين إحسانا في أربعة مواضع, وتفسيرها واضح إذ لم يميز طرفا علي آخر, وحتي في الحديث النبوي المعروف من أحق الناس بحسن صحابتي فقد ذكر الأب بعد الأم, ولم يهمله ويحول العلاقة بين الأب والابن إلي مجرد90 يوما في15 سنة, فالأب له ربع الأم علي الأقل في الرعاية..
أما بشأن الحضانة فالطفل حتي سن7 سنوات يكون في حضانة أمه, وذهب الحنفية إلي أن حضانة النساء للذكر تظل قائمة حتي يستغني عن رعايتهن له, فيأكل ويشرب ويلبس وحده, وقدر ذلك بـ7 سنوات وتظل حضانة الاثني قائمة حتي تبلغ الحيض أو الاحتلام.
وعند الشافعية تستمر الحضانة علي المحضون حتي التمييز ذكرا كان أو أنثي فإذا بلغ حد التمييز ـ7 أو8 سنوات ـ فإنه يخير بين أبيه وأمه, فإن اختار أحدهما دفع إليه, وعاد واختار الثاني نقل إليه.. وهكذا كلما تغير اختياره, إذ قد يتغير حال الحاضن أو يتغير رأي المحضون فيه بعد الاختيار.
والحكم عند الحنابلة في الغلام أنه يكون عند حاضنته حتي يبلغ السابعة, فإن اتفق أبواه بعد ذلك علي أن يكون عند أحدهما جاز لأن الحق في حضانته يرجع إليهما.. وذهب المالكية إلي أن حضانة النساء علي الذكر تستمر حتي بلوغه, وتنقطع بالبلوغ.. أما الحضانة للأنثي فتستمر إلي زواجها ودخول الزوج بها, وكان الزواج يتم عند بلوغ الأنثي.
ومن هذا المنطلق فإن الحضانة تنتهي بين7 و9 سنوات تقريبا.. ويجب أن يؤخذ في الاعتبار دور الطرفين في التربية والتعليم والتوجيه وصلة الرحم, ولا أدري لماذا نعتبر الطلاق إعلان حرب تستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة, ولماذا لا نعتبره حلا أقره الله حتي يعالج وضعا مرضيا ليس له علاج إلا الإنهاء, فيكون بداية لمرحلة جديدة في العلاقة بين طرفين عاشا ذات يوم تحت سقف واحد, وأفضي بعضهم إلي بعض.. وإذا فشلا في أن يتفاهما كزوجين, فما المانع أن يكونا صديقين بعد الطلاق خاصة إذا كان زواجهما قد أثمر ثمرة مشتركة لايمكن التنصل منها أو الغاؤها وهي عبارة عن طفل بريء لا علاقة له بما حدث بينهما؟
إن اختزال العلاقة الأبوية في ركن التمويل المادي النفقات عن بعد دون إتاحة أي فرصة للمشاركة بالرعاية الوجدانية والتربوية ليس هو الحل, فلو أن هؤلاء الآباء قد اختاروا كفالة ورعاية أحد الأيتام لكان لهم الحق كاملا في التواصل معه.
* مجموعة من الآباء والأمهات غير الحاضنين: هناك قصور واضح في المادة العشرين المنظمة لحق الحضانة والرؤية بقانون الأحوال الشخصية, إذ لا يسمح هذا القانون لأسرة الطرف غير الحاضن من أجداد وأعمام وعمات وأخوال.. إلخ, برؤية الصغير, وتقتصر الرؤية فقط علي الأم أو الأب غير الحاضن, ولا يشتمل القانون علي عقوبة ملموسة للحاضنة التي بيدها الصغير في حالة تعسفها بالامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية كليا أو جزئيا, حيث إن العقوبة المعمول بها حاليا, هي الحكم بنقل الحضانة إلي الجدة للأم, وهو انتقال صوري, لذا فهي لا تمثل عقوبة ملموسة تغل يد الحاضنة عن ذات الممارسات التعسفية, وذلك لأن المحضون يقيم في محل إقامة الحاضنة فعليا.
** وبعد.. فمازالت هذه القضية تشغل اهتمام الملايين الذين ينادون بحل عادل يكفل لطرفي النزاع علي حضانة الأطفال رؤية أبنائهم ومعايشتهم والاقتراب منهم.. والسؤال متي يتحقق هذا الحل العادل؟